قال الله تعالى: "وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)" الكهف: 46) ، و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: الملة، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الملّة. قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الملّة. قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله ).
بهذا الحديث فسّر الرسول معنى الباقيات الصالحات التي وردت في سورة الكهف بأنهن: سبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله و الله أكبرو لا حول ولا قوة الا بالله ، و هؤلاء هنّ من أحب الكلام الى الله تعالى و من أفضل الكلام و أجّله و أحب الى الرسول مما طلعت عليه الشمس و بها نجاة للإنسان من النار و منزلة رفيعة في الجنة و خير متواصل في الدنيا و الآخرة.
الباقيات الصالحات تشمل كل الأعمال الصالحة التي تبقى للإنسان بعد موته و يدّخرها لآخرته ويبقى ثوابها و يدوم جزاؤها لذلك فهي خير من الدنيا و ما فيها، و من فضل الله و كرمه أن جعل هذه الكلمات مباركة فعند ترديدها و تكرارها فإنها تعود على الإنسان بالأجر و الثواب العظيم دون أن يبذل جهد كبير فما على الإنسان إلا أن يشغل لسانه بها وقت فراغه أو بعد الانتهاء من الصلاة، و من هذه الفضائل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لأم هانئ بنت أبي طالب حينما أخبرته أنها قد كبرت و ضعفت ليخبرها بعمل تعمله و هي جالسة فأخبرها أن تسبّح اللهَ مئة تسبيحة، وتحمد الله مئة تحميدة، وتكبّر اللهَ مئة تكبيرة، و تهلل مئة تهليلة. و قد بين الرسول الكريم أن مئة تسبيحة تعدل عتق مئة رقبة، و مئة تحميدة تعدل ثواب من تصدّق بمئة فرس للمجاهدين في سبيل الله، و مئة تهليلة تملأ ما بين السماء و الأرض.
هذه الأذكار تكفّر عن الإنسان ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر و المقصود بالذنوب هنا الصغائر و ليس الكبائر لأنّ الكبائر لا تكفّر الا بالتوبة، كما أنّها تعتبر صدقة عن العبد في كل تسبيحة أو تهليلة أو حمد أو تكبيرة يقولها و بهذا إشارة الى أن الصدقة لا تكون بالمال فقط بل أيضاً بالذّكر و الإحسان و فعل المعروف و الخيرات و النهي عن المنكرات.
على الإنسان أن يداوم دائماً على هذه الباقيات الصالحات لما تعود عليه من خير و طاعات و بها يتقرب العبد من ربه و يغفر الله ذنوبه وينال الأجر و الثواب العظيم و تعلو منزلته في الجنة بإذن الله، كما بيّن أهل العلم أن أسماء الله تعالى كلها مندرجة في هذه الكلمات الأربعة لأن سبحان الله تشمل أسماء التنزيه، و الحمد لله فيها إثبات الكمال لله، و لا إله إلا الله تشمل التوحيد، و الله أكبر فيها التكبير و التعظيم لله.
المقالات المتعلقة بما هن الباقيات الصالحات